غضب أصحاب الرداء الأبيض.. أطباء شباب يحتجون في تونس للمطالبة بتسوية أوضاعهم
غضب أصحاب الرداء الأبيض.. أطباء شباب يحتجون في تونس للمطالبة بتسوية أوضاعهم
نفّذ الأطباءُ الشبان في تونس، اليوم الأربعاء، وقفةً احتجاجية أمام مقر البرلمان بالتزامن مع إضراب عام عن العمل في مؤسساتهم الصحية والجامعية، في خطوة تصعيدية غير مسبوقة تهدف إلى الضغط على الحكومة لإلزام وزارة الصحة بتنفيذ اتفاقات مُوقّعة منذ أكثر من عام دون تنفيذ فعلي.
جاءت هذه التحرّكات بعد أسابيع من الغضب المتصاعد داخل الوسط الطبي الشاب، وسط تأكيدات بأن ظروف العمل باتت "غير إنسانية" في ظل نقص الموارد والأجور المتدنية والضغط المهني الهائل، ما يهدد بإفراغ المستشفيات العمومية من الكفاءات الشابة، بحسب ما ذكر موقع "الترا تونس"، اليوم الأربعاء.
أعلنت المنظمةُ التونسية للأطباء الشبان –الجهة النقابية الممثلة للأطباء الداخليين والمقيمين– في بيان صدر قبل أيام، أن الاعتصام والإضراب يأتيان ردًا على ما وصفته بـ"سياسة المماطلة" من قبل وزارة الصحة، وذلك وفق ما ورد في بيان المنظمة الذي شُكّل المصدر الرئيسي لقرار الإضراب.
وأوضحت المنظمة أن الإضراب يشمل كليات الطب والمستشفيات الجامعية ومختلف المؤسسات الصحية، مع إبقاء العمل متواصلًا في أقسام الاستعجالي فقط، حفاظًا على الحق في الحياة والعلاج للمرضى.
وشدّدت المنظمة على أنّ تجاهل الحكومة لالتزاماتها السابقة يضع آلاف الأطباء الشبان في وضعية هشاشة مهنية واقتصادية، ويعرّض المنظومة الصحية إلى مزيد من الانهيار.
عودة الأزمة إلى الواجهة
بيّنت المنظمة أن الاحتجاجات الحالية ناتجة عن توقف وزارة الصحة عن تنفيذ اتفاق 3 يوليو 2025، الذي كان ثمرة مفاوضات مطوّلة بين الطرفين.
شمل الاتفاق 3 بنود رئيسية:
صرف مستحقات الأطباء الشبان المتعلقة بمنح حصص الاستمرار داخل المستشفيات، مع مراجعة المقرر الوزاري الذي ينظّم هذه المنح، وكان من المفترض إنجازه قبل شهر أغسطس 2025.
تفعيل شروط الإعفاء أو التأجيل أو الإبقاء على نفس مقر السكن فيما يخص الخدمة المدنية، وهي النقطة الأكثر حساسية للأطباء، خصوصًا مع عدم صدور أي وثيقة رسمية توضّح آليات التنفيذ رغم الاتفاق على بدء العمل بها منذ سبتمبر 2025.
الإسراع بإصدار الأمر الحكومي المتعلق بالزيادة في الأجر الشهري للأطباء الشبان، المبرمج دخوله حيّز التنفيذ في يناير 2026.
واعتبرت المنظمة أن هذه البنود تمثل الحد الأدنى لكرامة الطبيب الشاب وحقّه في ظروف مهنية لائقة، مؤكدة أن استمرار تجاهلها يعد "انتهاكًا لحقوق العاملين في القطاع الصحي".
أزمة أعمق من الإضراب
يحذّر خبراء القطاع الصحي من أن تجاهل مطالب الأطباء الشبان قد يدفع إلى موجة جديدة من هجرة الأطباء، في بلد يعاني أصلًا من نزيف غير مسبوق في الكفاءات.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من 60% من الأطباء الشبان يفكرون في مغادرة البلاد خلال السنوات الثلاث المقبلة، بسبب غياب بيئة عمل آمنة وعادلة.
ويؤكّد المحتجون أن خطواتهم لن تتوقف عند هذا الإضراب، وأن الأيام المقبلة قد تحمل تصعيدًا أكبر ما لم تتحرك الحكومة سريعًا لإنقاذ ما تبقى من الثقة بين الأطباء ووزارة الصحة، ولحماية الحق في الصحة في بلد يواجه أزمة صحية هي الأكبر منذ عقود.










